الرئيسية > البلدان > استراليا ونيوزيلاند ولبنان > تأمل في الوصايا او الكلمات العشرة -الأب توما ككا

تأمل في الوصايا او الكلمات العشرة -الأب توما ككا

تأمل في الوصايا او الكلمات العشرة

الاب توما ككا

المقدمة:

الوصية ليست بمعنى امر اعطى الله للانسان بل وصية هي كلمة يحفضها الانسان ويعمل بها كي يخلص من الوقوع في الخطيئة.

وسوف نرى هذه الكلمات العشرة كيف تصبح كلمة واحدة وهذه الكلمة سوف يصبح يسوع المسيح المتجسد في مريم العذراء.

والرقم 10 يرمز الى الكمال الالهي حيث الكلمات العشرة مقسمة الى قسمين القسم الاول متعلقة بالسماء (الله)، والقسم الثاني متعلقة بالارض (الانسان).   6 + 4 + 10 اي ان الانسان يصبح ناقصا دائما وبلا معنى بدون عمل الله (خلق الله).

الرقم ستة (6) هو رمز الناقص، ورقم اربعة (4) يرمز الى الخليقة باتجاهاتها الاربعة. حيث الانسان خلق من اجل خدمة الخليقة وتطويرها للافضل دائما.

الكلمات المتعلقة بالله:

1: لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي.

2: لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا، وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ. لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ.

3: لا تحلف باسم الهك باطلا.

4: اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ.

الكلمات المتعلقة بالانسان:

5: أكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ..

6: لا تقتل.

7: لا تزن.

8: لا تسرق.

9: لا تشهد شهادة زور.

10: لاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلاَ عَبْدَهُ، وَلاَ أَمَتَهُ، وَلاَ ثَوْرَهُ، وَلاَ حِمَارَهُ، وَلاَ شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِكَ.

الوصية او الكلمة الاولى

“لاَ يَكُنْ لَكَ آلِهَةٌ أُخْرَى أَمَامِي”

اذا تأملنا احبتي في هذه الوصية او الكلمة نرى غيرة الله على شعبه. غيرة الحبيب لحبيبته، غيرة الام على ابنائها و…الخ.

ولكن هذه الوصية او الكلمة ليست احتكارية دكتاتورية تسلطيه بل هي وصية او الكلمة محبة (محبة الله الاب لأبنائه) وبحرية وقناعة تامة.

تعمّد الله الاب ان يضع هذه الوصية او الكلمة اولى الوصايا او ألكلمات لماذا؟

وضعها الله الاولى كي يجعل الله لشعبه هدفا يمضي في حياته تجاهه وكي يخلق لشعبه نظاما يسلكه في حياته. اله هو نظام الخليقة كلها، هو الذي نظمها وأبدع في خلقها لذلك جعل ذاته المركز الذي يجب ان نركز نظرنا وغايتنا نحوه.

لا نستطيع ان نعمل بالوصايا او الكلمات كلها من غير ان نعمل بصورة حقيقة بالوصية او الكلمة الاولى.

يجب ان يكون لنا هدفا ونظاما في حياتنا نسلك به وتجاهه وهذا الهدف هو الله الأب وكي نعمل ببقية الوصايا او الكلمات يجب علينا ان نفهم هدفنا، ان نقتنع به، ان نؤمن به.

الله كتب هذه الوصية او الكلمة لأن في ذلك الزمان كانت هناك كثير من الالهة. من الاصنام والمنحوتات و…الخ. والتي سوف نتطرق عنها في الوصية او الكلمة الثانية.

وكما يوجد ايضا في ايامنا الهة كثيرة، مثل ألمال والمناصب والكراسي والشهوات، والغرائز و…الخ.

غاية الله الاب من هذه الوصية او الكلمة ليست غاية احتكارية وتسلطية مثلما قلنا، بل كي لا يتيه الانسان في حياته بهذه التعددية للاله الغير الحقيقية.

الوصية او الكلمة الثانية

لاَ تَصْنَعْ لَكَ تِمْثَالًا مَنْحُوتًا، وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِنْ فَوْقُ، وَمَا فِي الأَرْضِ مِنْ تَحْتُ، وَمَا فِي الْمَاءِ مِنْ تَحْتِ الأَرْضِ. لاَ تَسْجُدْ لَهُنَّ وَلاَ تَعْبُدْهُنَّ.

المنحوت هو الشيء الذي يفصلنا عن الله الحقيقي والحي.

لماذا نقول حقيقي وحي؟ لأن الله هو الذي خلق كل شي على حقيقيته كما نراه ونلمسه اليوم.

المنحوت صامت لا روح فيه ولا حياة، ولكن الله الناطق من خلال اعماله وخليقته وهو مصدر كل حياة، وهو الذي نفخ الروح في الانسان واعطى الحياة للحيوان والنبات ايضا.

الله بمحبته لنا طلب منا من خلال هذه الوصية ان لا نعبد منحوت لا روح وحياة فيه، لكي نكون نحن ايضا احياء فيه وبه. لأننا اذا عبدنا منحوتا او صنما لا تكون لنا وفينا الحياة لأن هدفنا يكون جمادا بلا حياة.

الشعب الذي عبد العجل الذهبي في البرية خرج من ميراث الله ومات في متاهات حياته.

الله من خلال هذه الوصية او الكلمة اراد ان يضع للانسان مركزا لحياته لكي لا يتيه في عالم الوثني الذي يوجد فيه الهة كثيرة المسيطرة على عقول الشعوب.

ماهو المنحوت الذي تتكلم عنه هذه الوصية او الكلمة؟

المنحوت ليس فقط المقصود به من الحجر او المرمر (الرخام) او من الخشب او….. الخ. بل المنحوت هو كل شيء يُعبد ونساويه مع الله الحقيقي الحي مثلا:

المادة، المناصب، الكراسي، الشهوة، الغريزة، الكبرياء، الانا، و….الخ.

هذه كلها منحوتات واصنام لا حياة فيها فقط التلذذ والمتعة الصامتة الهالكة، وهذه كلها تبعدنا عن الله الاب الحقيقي الحي.

احبتي انترك هذه الالهة الصامتة الهالكة الغريبة، ونعبد الهنا الحقيقي مصدر كل حياة، والذي اعطى عقلا للانسان لكي يميز بين الاله الحقيقي والإله الحقيقي، والآلهة الكاذبة والصامتة… امين.

الوصية او الكلمة الثالثة

” لا تحلف باسم الهك باطلا”.

وأما أنا فأقول لكم لا تحلفوا البتة لا بالسماء لأنها كرسي الله. ولا بالأرض لأنها موطئ قدميه ولا بأورشليم لأنها مدينة الملك العظيم. ولا تحلف برأسك لأنك لا تقدر أن تجعل شعرة واحدة بيضاء أو سوداء. بل ليكن كلامكم نعم نعم   لا لا وما زاد على ذلك فهو من الشرير.

كثير منا عندما نقرا الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، نرى هناك تناقض بين الوصيتين (وصية الله الثالثة في العهد القديم، ووصية الرب يسوع في العهد الجديد بخصوص القسم)، الله في العهد القديم يقول لا تحلف باسم الرب باطلا، اي نفهم الوصية بأننا يجوز لنا الحلفان ولكن ليس باطلا، ونرى الرب يسوع لغى القسم بتاتا. لماذا هذا التناقض؟

اولا هذا ليس تناقضاً، كما في الطلاق مثلا موسى اعطى للشعب اجازة الطلاق، ولكن الرب يسوع منع الطلاق الا لحالات الزنى.

في العهد القديم كان مفهوم الشعب عن الله يختلف في ايامنا نحن الشعب الجديد، سابقا في العهد القديم كان الشعب له تخوف من الله لأن كان يعتبر بان الله يضرب وينتقم ويلعن ويغضب و…الخ لذلك كان الشعب يعتبر بأن الله بعيدا عنه ويجب ان يسلك كما يريده الله بكل صدق كي لا يغضب عليه الله، ومن ضمن هذا الصدق هو الحلفان الصادق باسم الله. لذلك اعطى موسى هذه الوصية كي يكون الشعب صادقا في تعامله مع الاخرين بخصوص الحلفان.

في العهد الجديد الله نزل وتجسد من خلال كلمته الرب يسوع المسيح واصبح الله في ما بيننا من خلال ابنه يسوع لذلك لا داعي للحلفان باسم الرب ولا بأي شيء كان لأن المسيح اراد ان يكون بين الشعب صدق حقيقي بدون اي حلفان.

الانسان جعل من اسم الله سلعة تجارية، كم منا نستخدم اسم الله كذبا من اجل مصالحنا، في اعمالنا، مصالحنا، في البيع، في الشراء، و….الخ.

لا داعي على الحلفان لا باطلا ولا حقيقيا، لأننا نعيش حياة جماعية اذ نرى الله في الاخر فلا داعي لحلفان باسم الله لأن الله اصبح فيما بيننا.

لكنونا لا صادقين مع ذواتنا، وبعدها نكون صادقين مع الاخرين، كي نكون صادقين مع الله. المسيح اراد منا من خلال هذه الوصية ان نكون صادقين في قلوبنا تجاه الله والاخرين، وليس صادقين بقسمنا وحلفاننا، لا نكون ظاهريين اما الناس والله، الله يرى ما في القلوب والناس ترا ما في الشفاه.

لتكون قلوبنا صافية كي تنطق بها الشفاه. لأن كما قال الرب يسوع “من فائض القلب تنطق الشفاه”

ليكون كلامنا امام الله والاخرين بنعم او لا. اي ليكون لنا قرار في حياتنا ولا نكون مترددين… امين.

الوصية او الكلمة الرابعة

“اذكر يوم الرب”

السبت يعني السبات، الراحة، الاستراحة ….الخ. احبتي يجب علينا ان لا نقرأ السبت بحرفيته.

في العهد القديم كان يوم السبت يوم الراحة، ولكن اليوم نحن المسيحيين يوم الراحة لدينا هو يوم الاحد، لأن الرب يسوع المسيح قام من بين الاموات يوم الاحد.

كل يوم هو يوم الرب لأن الله خلق جميع الايام، ولكن يجب علينا ان نخصص يوم واحد في الاسبوع يكون مخصص لخدمة الرب. ولكن كيف نخدم الرب؟ وهل فقط في هذا اليوم نعبده وباقي الايام لا؟ العبادة لله هي محبتنا تجاه الاخر.

السبت (الاحد) هو نظاما وضعه الرب للانسان كي ينظم حياته الفوضوية. حياة التجارب والضيق والالم والحزن. لذلك كان يجب ان يكون هناك شيء ينظم هذه الحياة القاسية.

لهذا وضع الله يوما واحدا كي يعدل مسار حياته ومنهاج كي يرى الانسان اين هو من حياته اليومية؟ اين هو من تجارب حياته؟

لذلك لنجعل الاحد (يوم الرب) يوما ننظم من خلاله حياتنا كي نرى خطايانا والامنا ونتركها ونتجه نحو الاب السماوي.

ان حفظ يوم الاحد قانون رسولي ايضاً، لانه اليوم العظيم الذي فيه قام مخلصنا، وفرّح بقيامته جميع المخلوقات، واعطى بنفسه شهادة حقيقية للقيامة العامة وللحياة الخالدة. وكما قام بكرنا يوم الاحد، كذلك يقوم جنس ادم في يوم الاحد. فبكر العالم غير المتناهي، لا يبدأ بداية وانما يظهر ظهورا، لذلك يلزم ان يحترم هذا اليوم الذي فيه جرت هذه الامور الفريدة. ولان في القيامة تبطل جميع الاعمال الدنيوية ويعود كل شيء الى مجد الله، والتنعم في اسراره التي لا توصف، امر الرسل المسيحيين ان يعطلوا في يوم الاحد من جميع اعمالهم الدنيوية، ويواظبوا على الصلاة الى الله وقراءة الكتب المقدسة والتأمل في التدبير، وكانوا يقرأون أولا كتب الانبياء التي هي اساس ومدخل حقيقة التدبير الحاصل بالمسيح الآتي هذه الامور لا ليحلها، لان كل من يكمل نقصاً ولو في موضع ما وللغاية عينها فانما يبدل الناقص بالكامل، فكيف يا ترى يكون ناقصاً ومبطلا لمن يتخذ شهادته منهم؟ “افحصوا الكتب التي تعتقدون ان لكم فيها الحياة الابدية، فهي تشهد لي بان الاب ارسلني[121].” لذلك اوصى الرسل بقراءة كتب الانبياء اولاً ثم الانجيل كحد اخير وخاتمة. وفي كل احد نفعل الشيء عينه، ليغدو لنا ذكرى متواصلة للقيامة التي فيها نكافأ حسب اعمالنا. أن هذا الامر يصدنا عن ارتكاب السيئات ويدفعنا الى عمل الخير، كذلك بالنسبة الى اعياد التدبير، فالكنيسة تحتفل بها باستمرار كل عام لئلا تتلاشى مع الزمن الخيرات التي يمنحها المسيح بظهوره للمخلوقات، وتضمحل في اعماق الضلال وينقرض ذكرها… امين

الوصية او الكلمة الخامسة

أكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ..

احبتي تكلمنا عن الكلمات او الوصايا التي تتعلق بالله والسماء، والان سوف ننتقل الى الكلمات او الوصايا التي تتعلق بالإنسان والأرض والتي تبدأ باحترام واكرام الوالدين.

نلاحظ ان القسم الاول الذي هو كما قلنا متعلق بالله يبدأ بــ لا يكن لك اله غيري اي الله هو الإله والاب لنا يجب احترامه واكرامه، وايضا في القسم الثاني يوجد احترام الوالدين واكرامهم كما نفعل مع الله الاب.

لأننا ان لم نكرم والدينا ونحترمهم ونحبهم لا نستطيع ان نكرم الله ونحترمه ابدا، لأن الله اعطى للانسان نعمة كبيرة بأن يكمل عمل الله على الارض والذي هو الخلق، وفي الزواج المقدس هناك استمرارية في الخليقة من خلال الاب والام. لذلك لنحترم هذا العمل المقدس والذي وهب لنا من الله الاب.

وهنا نتكلم لا فقط عن الابناء يجب ان يحترموا ابائهم، بل ايضا يجب على الوالدين ان يكونا نموذجا جيدا لابنائهم في التربية والتعليم و….الخ

لان المشكلة ان هناك اباء هم الذين يخلقون الشر في اولادهم، من خلال تربيتهم السيئة لهم.

كيف تطول ايامنا على الارض ان احترمنا واكرمنا والدينا؟

ان لم يكن هناك احتراما واكراما ومحبة بين الوالدين والاولاد، يكون انقسام وكراهية بينهما (بين الوالدين والابناء) والانقسامات دائما تؤدي الى المشاكل، والمشاكل تتأثر على نفسية الانسان وتسبب له الامراض النفسية والجسدية وبذلك مؤكدا لن يعيش كثيرا.

هذا من الجانب النفسي والصحي، ومن الجانب الروحي الوالدين الصالحين هم بمثابة الله الاب على الارض يجب علينا ان نحترمهم ونكرمهم كما نحترم ونكرم الله الاب.

الوصية او الكلمة السادسة

لا تقتل

يوجد نوعان للقتل: القتل الجسدي.

والقتل الروحي والنفسي.

القتل الجسدي الذي هو المعروف القتل بالسلاح الناري او السلاح الابيض مثل النحر بالسكين او الطعن او غيرهما.

اما القتل الروحي والنفسي هو عن طريق تشويع سمعة شخص ما او نشر الاشاعات والاكاذيب عن شخص ما او عائلة ما او ….الخ.

ولكن علينا اولا ان ننظر الى جذور القتل والتي هي:

الغضب.

الكراهية.

الحقد.

الخصام.

وغيرها من الاسباب التي تؤدي بنا الى فعل جريمة القتل.

علينا اذا اولا ان نعالج هذه الاسباب كي لا نصل الى فعل جريمة القتل ان كانت الجسدية او النفسية.

لهذا شدد الرب يسوع في الانجيل على معالجة اسباب الخطيئة عندما قال كل من غضب على اخيه استوجب الحكم، لان الغضب يؤدي بالانسان الى قيامه بفعل القتل.

احبتي هذه دعوة لنا كي نفحص ضميرنا ونتأمل بسلبياتنا كيما نستطيع ان نتركها قبل ان نصل الى افتعال الخطيئة، ونكون قد خسرنا كل شيء… امين.

الوصية او الكلمة السابعة

لا تزن

” أيها المعلم ، لقد فاجأنا هذه المرأة متلبسة بجريمة الزنى ، ونحن نعلم أن موسى في شريعته يأمر برجم نساء كهذه ، وأنت ماذا تقول ؟ ينتصب يسوع ويقول : من منكم بدون خطيئة ، فليقذفها بالحجر الأول (يو 8/2 ) .

الزنى له تفسيران:

التفسير الاول، الزنى اي فعل الجنس يقوم به الرجل مع امرأة لا تخصه، وامرأة مع رجل لا يخصها.

والتفسير الثاني، الزنى اي الخيانة، كان الله في العهد القديم يشبه شعبه بالزاني لانه اتخذ له إله اخر غيره.

لذلك الزاني الذي ينظر الى امرأة اخرة، والمراة التي تنظر الى رجل اخر يخونان اولا بعضهما وبعدها يقومان فعل الزنى (الجنس) مع من لا يخصهما.

الرب يسوع قال عن الزنى، من نظر الى امرأة لكي يشتهيها زنى في قلبه، اي اخذن الرب يسوع الى جذور الخطيئة، لا فقط نتوقف عند ممارسة الخطيئة بل الى جذورها واسبابها. لكي نعالج اولا اسباب الزنى وهي النظر وبعدها الشهوة (القلب والفكر) وبعدها الفعل.

اي الخطيئة تتم من خلال ثلاث مراحل: (العين، القلب والفكر، والفعل – الممارسة).

يجب اولا ان ننقي غاياتنا ونوايانا لكي تكون افعالنا ايجابية واخلاقية وانسانية. وان تكون علاقاتنا مع الاخر ان كان (الزوج ، الزوجة، ألصديق الأخ الأخت الأب الأم الأبناء و…الخ) علاقة صادقة ونقية وطاهرة، بعدي عن كل مصالح وغايات لا انسانية وبعيد عن كل انواع الخيانة. لأننا اذا كنا صادقين مع الاخر سوف نكون صادقين مع ذواتنا ومع الله، وان لم نكن صادقين مع الاخر سوف نكون غير صادقين مع ذواتنا ومع الله حتما.

الزوجان والعائلة صدرا عن الله ، بالنسبة إلى الذين لا يؤمنون بذلك وإلى الذين يؤمنون ، لأن الزواج هو ، كالإنسان نفسه ، امتداد لسر الله بالذات ، ووسيلة لنقله . لكن هذا السر هو الحب . ولا سعادة إلا إذا أَحببنا وأُحببنا . وبما أن كل شيء به كُوّن ، فكيف نريد أن يخلق الأشياء إلا على صورته ومثاله ؟ نستنتج أن كل شيء خُلق عن حب.

الوصية او الكلمة الثامنة

لا تسرق

السرقة لها معاني كثيرة: سرقة اموال الغير، سرقة افكار الاخر، سرقة اسم شخص ما، مؤلفات كاتب ما، اختراعات، و…الخ.

وهنا ايضا ليس المقصود بالقول ” لا تقترف سرقة ” ، بل : ” لا تمارس الاغتصاب ” ( تث 5/19 ) . ” فالاغتصاب ” هو حقاً سرقة ، إنما سرقة إنسان . هذه العبارة تشير إلى كل خطف لشخص أو احتجازه _ حتى في حال رضاه إن كان قاصراً _ لأي غرض كان : إستعباد اقتصادي ، شبع جنسي ، استثمار تجاري ، أخذه كرهينة ، ثأر أو انتقام.

لا تسرق: تنهى من:

أخذ مال القريب أو حفظه دون حق.

إلحاق الضرر بالقريب في أمواله بأي وجه من الوجوه.

وهي تفرض: العدالة والمحبة في إدارة الأموال الأرضية وثمار عمل الناس.

وتقتضي في سبيل الخير العام:

احترام كون الخيرات معدة للجميع.

احترام حق الملكية الخاصة.

للسرقة أنواع:

-الاحتفاظ عمداً بما أقرض من مال.

-الاحتفاظ عمداً بما وجد من أشياء ضائعة.

-الغش في التجارة.

-دفع أجور غير عادلة.

-رفع الأسعار اعتماداً على جهل الغير وعوزه.

-الأشغال التي لم يحسن صنعها.

-الغش الضريبي.

-تزوير الشيكات والفواتير.

-المصاريف المفرطة والهدر…. (مقتبس)

هذه كلها تدخل من ضمن السرقة، سرقة اشياء لا تخصنا، وحرية غيرنا، ونجاحات غيرنا، وانتاجات غيرنا و…الخ.

لذلك يجب علينا ان نحترم الاخر وكل ما يخصه، لكي يفعل الاخر معنا باحترامنا واحترام كل ما يخصنا.

الوصية او الكلمة التاسعة

لا تشهد شهادة زور

احبتي نلاحظ في الوصايا او الكلمات العشرة لا وجود لوصية او كلمة لا تكذب، هنا في هذه الوصية او الكلمة التاسعة لا تشهد بالزور هي بمثابة الكذب. لاننا بشهادتنا زورا ضد احد ما او قضية ما او…الخ، نكون قد كذبنا من اجل مصالحنا، ومرات عديدة نكذب على انفسنا ونكون شهود زور على ذواتنا.

حرم الله على بني إسرائيل شهادة الزور التي يترتب عليها ضياع حقوق البشر، “لاَ تَشْهَدْ عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ” (خروج 16:20)، حتى لا تكون مشابهاً للشيطان الذي ذمّ الله أمام حواء، وصار ملعوناً لعمله هذا. إلى هذا، من الأفضل أن تغطي على خطيئة قريبك، إلا إذا كانت تؤذي آخرين، حتى تكون مشابهاً لسام ويافث وليس لحام، وهكذا تحصل على البركة. كان سام وحام ويافث أبناءً لنوح. وفي مرة شرب نوح خمراً كثيراً وسكِر وتعرّى. عندما رأى حام عورة أبيه أخبر أخويه بشكل هزلي. أمّا الأخوان فهما ليس فقط لم يضحكا من أبيهما بل مباشرة أخذا عباءة وسارا إلى الخلف حتى لا يريا عورة أبيهما وغطياه باحترام. عندما استيقظ نوح وعرف بما جرى، لعن حام، بينما بارك سام ويافث (تكوين 18:9-27).

واليوم احبتي أصبح الكذب في الكلام والمعاملات عادياً جداً لدى ملايين الملايين من البشر، وغدا الصدق والامانة من الامور غير المحببة. ان الكذب يهدّم أركان العائلة والوطن. يقول يسوع “ليكن كلامكم نعم نعم، لا لا.”

بما أن القاضي، في الأرض التي أعطيت لهم من قبل الله، يجب أن يعمل “العدالة الدائمة”، لكي يبقى الشعب دوما مستأهلا لهذه العطية (خر 16/20)، فعليه أن يمنع مثل هؤلاء الشهود الدخول إلى المحكمة دون أن يُكشفوا، فلا يُعطى الحكم على أساس شهادة واحد فقط، لكن عليه أن يسأل اثنين أو ثلاثة، بحيث يضعهم بتناقض فيما بينهم لاكتشاف الزيف خصوصاً في الحكم بالموت (عدد 35/30؛ خر 19/15-21)، وعند اكتشاف الزور يجب أن لا يبقى شاهد الزور فيما بعد دون جزاء (أمثال 19/5؛ 21/28)، فيوضع المذنب، دون رحمة، إلى شريعة المِثْل، أي يجب التعامل معه مثلما تعامل مع قريبه “اصنعوا به ما فكر أن يفعله بأخيه” (خر 19/19). بينما نقرأ في شريعة حمورابي التي تقول إن شاهد الزور يجب أن يموت، وليس فقط أن يُصنع به ما أراد صنعه لأخيه.

“الكذب هو قول ما ليس صحيحا بنية الخداع”. والرب يشجب في الكذب عملا من أعمال الشيطان: “إن أباكم إبليس (…). انه لا حق فيه: فإذا ما نطق بالكذب، فإنما يتكلم بما عنده، لأنه كذوب وأبو الكذب” (يو8/44).

الكذب هو انتهاك الحقيقة بالوجه الأشد مباشرة. والكذب هو القول أو الفعل خلافا للحقيقة للتضليل. والكذب، بإساءته إلى علاقة الإنسان بالحقيقة وبالقريب، ينتهك علاقة الإنسان وكلامه الأساسية بالرب.

تقاس جسامة الكذب بطبيعة الحقيقة التي يشوهها، وظروف من يرتكبه ونياته، والأضرار اللاحقة بضحاياه. وإذا كان الكذب في حد ذاته خطيئة خفيفة، فهو يصبح مميتا عندما يلحق أذىً كبيراً بفضيلتي العدل والمحبة.

يستدعي الكذب بطبيعته الحكم عليه. فهو تدنيس للكلام الذي مهمته إبلاغ الآخرين الحقيقة المعروفة. والقصد المتعمد لتضليل القريب بأقوال مخالفة للحقيقة هو إساءة إلى العدل والمحبة. وتكون المسؤولية اكبر عندما يكون هناك خطر في أن نية الخداع تؤدي إلى نتائج وخيمة بالنسبة إلى من يصرفون عن الحقيقة.

الكذب (بكونه انتهاكا لفضيلة الصدق)، هو عنف حقيقي على الغير. انه يصيبه في إمكانياته بلوغ المعرفة التي هي شرط كل حكم وكل قرار. وهو يحتوي بذار انقسام العقول وكل الشرور التي يسببها. والكذب مضر بكل مجتمع. فهو يهدم الثقة بين الناس، ويمزق نسيج العلائق الاجتماعية.

الوصية او الكلمة العاشرة

لاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلاَ عَبْدَهُ، وَلاَ أَمَتَهُ، وَلاَ ثَوْرَهُ، وَلاَ حِمَارَهُ، وَلاَ شَيْئًا مِمَّا لِقَرِيبِكَ

تدخا هذه الوصية او الكلمة بمفهوم الحسد والغيرة، كثير منا لا نحب الخير لغيرنا، نتمنى له الاذية بدل الخير، نحسد كل ما يملك من الماديات وحتى العلم والمعرفة و…الخ.

يقول النص في الفصل 20 من سفر الخروج : لا تَشتَهِ بيت قريبك : لا تشتهِ إمرأةَ قريبكَ، ولا عبده (خادمَه)، ولا أمَته (خادمتَه)، ولا ثورَه، ولا حمارَه ولا شيئاً ممّا لقريبك (خر 20-17).

ما يلفت الانتباه في سفر الخروج أن الوصية العاشرة تتضمن الوصية التاسعة ففي سفر الخروج يُحظَر اشتهاء ممتلكات الرجل، وفي ممتلكات الرجل أو القريب يُحظَّر اشتهاء امرأة القريب.

ولكن مع مرور الزمن نلاحظ أن الأشكال الأساسية الثلاثة للحياة الاجتماعية، قد تغيرت مرات كثيرة على مدى التاريخ، وبذلك تغيرت أيضا الطريقة التي يتعين أن تفهم بها الوصية وتنفذ في كل مرة.

أما في سفر تثنية الإشتراع 5 : 21 ” لا تشتهِ إمرأةَ قريبكَ ولا تشته بيته ولا حقله ولا خادمه ولا خادمته ولا ثورَه، ولا حمارَه ولا شيئاً ممّا لِقًريبك ”

ففي سفر تثنية الإشتراع يظهر تحريم اشتهاء امرأة القريب قبل تحريم اشتهاء مقتنى القريب، مشكلا وصية خاصة من الوصايا العشر ألا وهي التاسعة، فإفراد محل خاص في سفر تثنية الإشتراع لتحريم اشتهاء امرأة القريب يعبر دون شك، عن التغيير الذي حصل في تقدير المرأة.

أما في العهد الجديد : حيث يكون كنزك، هناك يكون قلبك (متى 6 – 21 ).

فالصيغة التعليمية للوصية العاشرة تصبح : لا تشتهِ مقتنى غيرك… (مقتبس).

ما هي الشهوة ؟ تعني كلمة شهوة في معناها الأصلي كل نزعة شديدة من نوازع الرغبة البشرية. وقد أعطاها اللاهوت المسيحي هذا المعنى الخاص، إنها حركة الرغبة الحسية التي تعارض عمل العقل البشري.

الشهوة تتميز عن الرغبة في أن الإنسان يريد أن يمتلك كل شيء ويسخر عندئذ كل شيء من أجل محبة الذات وخدمة حاجاتها على حساب الاخر حتى يصل الأمر بالإنسان إلى احتقار الله والآخرين. من هذا المنطلق نرى بعض الشعوب تحرم الشعوب الاخرى، او انسان يحرم غيره، و…الخ.

يجب علينا ان نطلب الخير للاخرين بكل معنى الكلمة. لا فقط نطلب الخير بشفاهنا وافواهنا، بل نطلب الخير للاخرين بدافع المحبة الصادقة.

الخاتمة:

فاذا احبتي تعلمنا من هذا التامل البسيط بان الوصية او الكلمة هي ليست فعل امر يجب ان نفعل هذا ولا نفعل ذاك بل هي محبة من الله لنا، هي نصيحة يقدمها الله الاب لابنائه. واذا الوصايا هم خارطة رسمها الله الاب لنا كي نسير من خلالها لكي نصل الى انسانيتنا الحقيقية، ومنها نصل ايضا الى الملكوت السماوي.

المصادر:

الكتاب المقدس

كتاب قراءة رعائية للكتاب المقدس للخوري بولس الفغالي

موقع الانبا تكلا

اعداد: الاب توما ككا

بيروت 2015